عروسة البحر عاشت بين الصخور في إسكندرية .. إسكندرية .. أصل الثقافة و الفن ... أصل الجمال و الفلسفة و الإبداع ... من أول ما الزمن إبتدى و هي مصاحبة كل اللي عايشين هناك .. البحر و هو بيتنفس، و الموج و هو بيضرب الشط بـدلع، و نسايم الهوا اللي بتعاكس النورس وهو طول النهار بيدوّر على رزقه .. كل يوم الصبح عروسة البحر كانت تصحى و تجيب الشمس معاها .. الشمس، اللي غذت روحها بخير و دفا .. و إديتها من نورها اللي يكفيها و يكفي كل اللي عايشين في المملكة .. :) ..
في آخر 100 سنة ، لما جه الشط سكان جداد، بدأوا يبنوا بيوتهم على طول الساحل .. بيوت كتير و دوشة و مباني عالية بتحجب نور الشمس .. و بدأ كل ده يكْسر السلام و الهدوء اللي المملكة عاشت فيه سنين طويلة و اتعودت عليه. كل المملكة كانت مستاءة .. البحر غضبان ..و الموج ثاير .. و النورس مبطلش تنويح طول الوقت .. حتى السمك لونه قلب رصاصي !! الألوان المبهجة اللي كانت مالية الدنيا بهجة و فرح، إختفت من المملكة ..
أما عروسة البحر، فقررت تمشي .. تمشي و تسيب كل مباني المدينة العالية ورا ضهرها .. تسيب الشر .. تسيب الظلم اللي وقع بين البشر .. تسيب الأنوار المصطنعة اللي باهرة الناس .. تسيب الخوف .. تسيب كل تشوهات المدينة اللي بتاكل من الروح كل يوم أكتر من اللي قبله!
عروسة البحر نطت في البحر في إسكندرية ... و فضلت عايمة على طول الساحل في إتجاه الشرق .. لحد ما وصلت للأصل في فرع رشيد. متعبتش من المغامرة بين الأمواج عند مفرق الفرعين .. فضلت عايمة تصارع الغرق، تايهة بين البلاد .. مش عارفة تلاقي سكن يطمن القلب ولا يِسلّم من الأفكار .... فضلت عايمة ويا النيل .. مستنية النصيب يوديها لبيت جديد في البحر .. بيت، لسة أمراض المدينة موصلتلوش .. بيت لسة الناس فيه بتحب بعض وبتخاف على بعض ... بيت بعيد عن الدوشة، و الشمس بتطلع فيه مش غير غيوم .فَضلِت عايمة لحد ما وصلت هناك .. لأصل الأصل والنقاء و الخير والحنية والروح الحلوة .. فضلت عايمة لحد ما التيار رساها في الجنوب ... وهناك، لقت الحب .. وسكنت .. :) !!
ومن ساعتها، و عروسة البحر بقت عروسة النيل ... و أهل الجنوب باركوا سكنها في القلب طول العمر :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق