إتعرفت عليها في ورشة عمل إتعلمنا فيها إزاي نعمل أفلام قصيرة عشان نوصل للناس قضايا بيئية مهمة ... غصون صديقتي القهرواية كانت واحدة من المنظمين .. ومن أكتر الناس اللي مهتمة بـالكوارث البيئية اللي بتحصل في مصر وبره مصر و علي رأسهم مثلا قضية الفحم ..... لما الورشة خلصت, ماكناش صحاب قوي .. كنت دايما بشوف إن غصون شخصية قاهراوية ناشفة و مش لطييف إننا نقرب عشان ماحدش يزعل من التاني ....
بعد حوالي سنة ونص ... اتقابلنا تاني واشتغلنا مع بعض .. و في المرة ديه, كان عندنا مساحة إننا نعرف بعض بـشكل أكبر .. كنت دايما بحس إنها فاهمة كل تحفظاتي في الشغل .. وبتوصل صوتي وبتاخده في الاعتبار ... حتى لما كانت بتحصل مشكلة بيني وبين حد من زمايلي, كنت بروح احكيلها هي أول واحدة, عشان عارفة إنها حتفهمني كويس .... من ساعتها , وأنا و غصون صحاب .. لما بنزل القاهرة أول حاجة بعملها بكلمها عشان أشوفها هي فين ونتقابل .. ولما بتنزل اسكندرية, برده بتعمل نفس الكلام ... كنا بننتهز أي فرصة عشان نتقابل ونحكي كل الكلام اللي متحوش جوانا...
آخر مرة كانت في اسكندرية .. كان عندي فضول أعرف امتى اكتشفت إنها بتحب البيئة قوي كده .. وليه أصلا مع إن ده مش مجال دراستها ... غصون سكتت شوية .. وبعدين بدأت تحكيلي : ... إنها لما كانت عندها 8 سنين, باباها ومامتها كان في مشاكل دايما بينهم ... دايما مختلفين .. الاختلاف ده وصل إنهم راحوا يقعدوا عند جدتهم ويسيبوا البيت لباباها .. طول الوقت مامتها مش بتتكلم عن حاجة الا الموضوع ده "الخناق والمشاكل اللي بينها وبين جوزها" ... خناق كتير جدا طول الوقت ... و كانت عشان تطلع من كل الدوشة ديه, كانت دايما تحب تقعد في الجنينة اللي قدام عمارة جدتها .. الجنينة كانت المساحة الوحيدة اللي مفيهاش أي زعيق ولا دوشة ... كل حاجة في الجنينة كانت مسالمة و مفيش حد بيتخانق مع حد .. كانت كتير تحب تقعد تتفرج على الورد .. تكتكشفه .. تعد في كام ورقة في كل وردة .. وأنهي وردة عندها أحلى ريحة.. وأنهي شجرة بيجيلها عصافير أكتر .. والنخلة ديه أطول ولا اللي جمبها .. طول الوقت مش بتعمل حاجة إلا إنها تلاحظ كل حاجة بتحصل في الجنينة.. و ياما جدتها داخت في التدوير عليها لحد ما كانت بتلاقيها رايح عليها نومة تحت شجرة من الشجر اللي هناك ..!!

لما غصون وصلت لعشر سنين , مامتها قررت تاخدها هي و اخواتها ويروحوا مصيف .. كانت طايرة من الفرح , وفي اليوم اللي قبل ماتسافر, نزلت الجنينة وسلمت على الورد والشجر اللي هناك ... وقالتلهم إزاي نفسها تاخدهم معاها في المصيف, بس للأسف معندهاش شنطة كبيرة تكفيهم كلهم .. ووعدتهم إنها لما ترجع حتحكيلهم عن كل اللي حصل بالتفصيل ....
غصون سافرت عشر أيام ورجعت مالقيتش الجنينة .. لقيت مكانها حفر وخرسانة عشان حيطلعوا بـبرج جديد .. أول ما شافت الرملة و الطوب مكان الشجر والورد .. تنحت ... قعدت كذا يوم مش بتدي أي رد فعل ... وكل اللي في راسها إن إزاي البني ادمين انانيين كده !! ... إزاي كل واحد بيفكر بس في مصلحته وبس .. إزاي يشيلوا الجنينة اللي كانت مالية الشارع روح حلوة من ريحة الورد .. و يحولوا شارعهم لشارع كئيب زي كتير من شوارع القاهرة ... غصون كبرت وقررت إنها حتشتغل في المجال ده .. وحتقف في وش أي حد بيشوه الجمال و المناظر الحلوة اللي حوالينا ... وقررت تكمل في ده كمان, عشان لما ولادها يكبروا, يلاقوا جنينة .. يشموا فيها ريحة الورد..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق